تساءلت كثيرا وأنا أمر بجانب الكنيسة بمدينتي عن سر تواجدها هنا خاصة بعد أن تشبعت بفكرة المسيحيين والدعوات التبشيرية التي عرفت في القرون الوسطى ، فحاولت التاكد من الأمر رفقة رفيقات لي دفعنا إحساس المراهق فأحسسنا أننا واعون دون غيرنا بما تعنيه تواجد كنيسة بمدينتنا الصغيرة الهادئة.
أخدنا موعدا مع البابا وكان في استقبالنا طبعا ، لم نكن ساعتها نرتدي الحجاب لكننا تعمدنا أن نلبسة وأن يكون لباسنا لباسا محتشما ، فنحن سنقابل مسيحيا وعلينا أن نظهر له مدى تشبتنا بإسلاميتنا وأن دعوته التبشيرية فاشلة لا محالة ، كان للكنيسة جرس معلق في السقف به خيط مدلى جررت الخيط ، ففتح الباب ووجدنا أمامنا رجل متوسط العمر بلباس أنيق ، ينم عن شخصية محترمة حقا ، دعانا للدخول وبعد خطوتين ونحن في غمرة التمعن فيما نراه أمامنا ، أشياء لم نتعودها في مساجدنا ، كراسي وصور معلقة وأشياء كثيرة ، التفت الأب الينا وقال أول ملاحظة – لم تزيلوا الأحذية .. ثم أضاف هذه الأشياء الصغيرة هي ما تفصلنا عن بعض ، ساعدتها بدانا نستفيق من تأملاتنا للمكان وما فيه ، فالواقف أمامنا يحتاج لكل تركيزنا لنفحمه ، فلا أدري لم أحسسنا ساعتها أننا في حرب معه ومع دينه ، حاولنا كسب ورقة لصالحنا وأشرنا الى تماثيل عيسى بن مريم وهو مصلوب وناقشناه في الأمر واستشهدنا بما جاء في القرآن الكريم ، قال هناك أمور قد نشد فيها الشعر دون حتى أن نصل الى قناعة وسطى والإختلاف بين الإسلام والمسيحية ليس بأكبر من اختلاف المداهب الإسلامية فيما بينها ...
ادركنا ساعتها أننا في نزال قوي وعلينا أن نكون في مستواه فسألته أنا وبكل ثقة لو منحتك قرآنا فما أنت فاعل به ، ضحك وقال لا تمنحيني أي قرآن فلدي ثلاتة واحد منهم مترجم وأنا أقرأه وأتمعن فيها وبدأ يستشهد بآيات من الذكر الحكيم .. لاحظ حيرتنا ودهشتنا فقال أنتم بلد إسلامي ونحن هنا فقط من أجل القلة المسيحية التي تود أن تقيم صلاتها وحتى لا يفهم دوري بالخطأ فأنا لاأحاور الناس ولا أدعوهم لبيتي ولا أعرف بمبادئ ديني ولولا الفضول الذي وجدته منكم ما كان لقاءنا هذا ..تبددت مخاوفنا مع أن أفق الحيرة قد ازداد اتساعا وقبل أن نغادر الكنيسة قال لنا لأخبركم بأمر هام المسيحية ترتكز على التعاون وأنتم كذلك لكن الإسلام يعطي الأولوية للتوحيد هذا هو الفرق ...
ما عشناه يومها كان حوارنا مع كل من نقابله فهناك أمور تحتاج لأكثر من وقفة وعقلنا الصغير يومها ما كان ليفهمها ، سألت أمي فابتسمت وقالت لي سآخدك لمكان لم تريه من قبل .. لم يكن المكان بعيدا فقط لم أنتبه لوجوده أبدا ، كان مقبرتين مقبرة المسيحيين ومقبرة اليهود ، اقتربت من السور باحثة عن شق أستطيع أن أنظر منه لما بالداخل ، كانت قبور عديدة ازدادت حيرتي ، لكن حكاوي أمي عن أناس كانوا يتعايشون في المكان جعلني أحاول أن اتفهم الأمر بشكل آخر ولو أن عقلي لم يكن يستوعب الأمر ..
بعد شهور وبالصدفة ونحن في نتجول في محلات بالساغة وإذا بشخص بلباس أنيق ، يبدوا مغتربا ولكنه تشبه لكنة أهل فاس كان بسأل صاحب دكان عن شخص ما صار الحوار تلاثيا بينه وبين البائع وأمي وكان حذيثا طويلا عن أزقة وحواري وتاريخ مضى وأسماء
.. كان الكلام جميلا جعلني أحس بأن هناك حلقة مفقودة أو افتقدناها ونحن نحاول التدخل في مثل هذا الأمور ..
الآن وبعد مرور كل هذه السنوات تأكدت أنني محظوظة لأني ولدت في مكان يحترم الأديان
ويتبع سنة الرسول الأكرم ....
تعليقات
إرسال تعليق