التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حقيبة سفر


احتار كيف يودعني وكيف يلملم حقائبه ويفرغ الدولاب المشترك ، أغمض عينيه متظاهرا بالنوم بينما كنت أجاهد نفسي حتى لا تدمع عيني أمامه وحتى لا يدرك أن ما بيننا أكبر من كل الكلمات وأصدق من أي تصريح ، جموده المتصنع يعذبني أكثر
ونصائحه وكلماته التي رافقتني طوال الأيام الأخيرة تعيد نسجها  أمامي شريطا يكرر نفسه عمدا، قبل شهر كان كلامه أكثر ثقة وكأن الشهر بتعداد أيامه لن ينتهي لكنني بكيت يومها وحشرجتي اختلطت بحشرجته لتعلن أن الفراق هو القدر المقدر لعابري سبيل مثلنا التقيا ودون أن يتواعدا كان الوعد ، مضى الشهر بعده التنازلي واقترب الموعد ، أصبح الصمت رفيقنا وحوارنا وحتى الصراخ ، ,أصبحنا في كل يوم ننسج ألف حجة للحوار لكننا في كل مرة نفشل ، كيف نتكلم عن أمر ونحن نفكر في أمر آخر ، مكبلين إلى ساعة أضخم من أجسادنا دقاتها لا تلين ولا تتأخر ولا تتعطل ...
تقلب في الفراش معلنا عن نوم مفتعل ،انسحبت خلسة واحتضنت فنجان قهوة ساخن وامتطيت النجوم من خلال نافدة تكاد لا تبصر إلا السماء ، فكرت في أشياء عدة ، وأشياء أخرى فرضت نفسها على تفكيري ، غرقت في دموعي وأغرقتني الهواجس والوساوس ، قاتلتها وقاتلتني حتى فتحت للحمد قلاعي وأبحرت في سفينة الرضا وما كنت يوما  عنها  لأتأخر ، و اقتنعت أخيرا أن الأشياء بالأبعاد التي نمنحها إياها ، تماما كالنجوم التي تكاد تكون اقرب إلى من الأرض وأنا هنا بنافذتي فلما نحزن والسفر مجرد لعبة سخيفة من القدر ، يداعبنا بها ، لم لا نرسم السفر بعقولنا فسحة تلتقي ألوانها في السماء كقوس قزح ، لم لا نتقمص في كل ليلة جناح طائر يقف على سقف الآخر ، يذكره بالوعد ، ويعلمه أن المسافات هي إحساس داخلي لا أكثر ، فأينما كان الطرف الثاني فهو أقرب إليك من ذاتك ..
وضعت فنجاني الشبه فارغ على الطاولة وفتحت الدولاب وجهزت حقيبة سفره وخططت على ورقة معلقة بها
                 سافر
                فلن تنأى أنت عني
               ولا عنك أنا أرحل 

تعليقات

  1. رائعة انت..

    اعجبني صمودك ونفض غبار الالم عنك ..
    ورغم تجرع الحزن الا انك قويه..

    سعيدة بك وبفعلك..

    تذكري ان مع العسر يسرا..

    كنت هنا تقبلي تحياتي..

    ردحذف
  2. معالجة موفقة لحالة لاتحسد عليها المرأة ، وبالتوفيق دوماً .

    ردحذف
  3. كلمات معبرة يا حلم تحمل أحاسيس ممزوجة بين الفراق المؤلم والحب الدي لن تنهيه المسافات.
    تحياتي

    ردحذف
  4. الله
    صدقيني مش قادر اعبر عن الجمال اللي شفته في قصتك
    اسلوبك في السرد خيالي و اختيارك لكلمات وبنائك للجمل في منتهى الحرفية
    اما عن الفكرة فهي عبقرية
    تحياتي لكي وبجد كلما دخلت مدونتك اعرف اكثر عن معنى الجمال
    اشكرك لوقت قضيته مستمتعا وانا اقرا تلك القصة

    ردحذف
  5. دائما يؤلمنا السفر ونحس بعده بالفراغ لاكن ان شئنا ام ابينا فالسفر لابد منه فبعد كل الصمود لابد وان نسافر ولابد ممن يحبنا ان يصبر بعدنا ولتستمر الحياه ولقد انعم علينا الله بنعمت النسيان
    فمن يريد السفر فليسافر ونحن على صمودنا وبقوتنا
    شكرا على اسرد الجميل مع انه به وجع للقلب ولاكنه امتعنا حقا
    تقبلى تحياتى الاحـــــــــــــــــــــــلام

    ردحذف
  6. إن قلت أن هذا النص فيه من شحنة الإحساس والشعور الشيء الكثر فأنا لست أبالغ...
    تكاد كل كلمة تعبر عن خلاجات النفس بل كل حرف... إنك ترسمين لحظة من أشد اللحظات وقعا على النفس آلا هي لحظة الفراق وارهصاتها، صعب جدا ذلك المشهد، صعب...
    احييك أختي.

    ردحذف
  7. أحاسيس متضاربة بين الأمل والألم، وكلمات تترك صداها في الروح

    سلم قلبك وقلمك

    ردحذف
  8. اااائعة لطالما كان السفر شيئ مؤلم

    ولكن كلماتكِ اليوم جعلتني احب السفر ..

    حتى انتظر بشوق لذاك المسافر ..

    دمتي بخير

    ردحذف
  9. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    تقبلى مرورى وتقديرى واحترامى لقلمك المبدع الرائع

    ردحذف
  10. عزيزتي حلم
    رسمت لوحة الفراق على انها لوحة امل ورضا رغم الالم القابع في النفس ورغم صعوبة الفراق رسمت لي رحلة الى النجوم مع الرضا والقبول بواقع الفراق نعم المسافات تباعد الاحبة ولكن هل القلوب تبتعد؟
    تحياتي لابداعك اللا متناهي

    ردحذف
  11. لك قلمي دليلي..
    الروعة مرورك وتواجدك ، أسعتني بمرورك يا غالية
    كوني بخير دوما

    ردحذف
  12. لك تركي الغامدي
    يشرفني تواجدك دوما استاذي وسعيدة بشهادتك اخي
    بوركت ايها الطيب

    ردحذف
  13. لك اميرة الامل
    دائما تبتسم عيني لاسمك فحروفه تنبض بالامل ،
    أمل أرتجيه فعلا
    بوركت يا طيبة

    ردحذف
  14. لك مصطفى سيف
    ردة فعلك راقتني جدا اخي واسعدتني كلماتك في حق حروفي
    هي محاولة مزج شعورين مختلفين ببعض الحلم لعلنا نعطيها بعدا تالتا اقل الما
    بارك الله فيك وفي تواجدك اخي الطيب

    ردحذف
  15. لك الاحلام
    اسعتني قراءتك للنص اخي فعلا هناك دائماحرف مختبئ بين الحروف ينتظر التحرر وقد اطلقت سراحه هنا
    بوركت اخي

    ردحذف
  16. لك أبو حسام الدين
    اسعد دوما بمرورك وتواجدك يا اطيب الناس وكل حرف تخطه بمدونتي هو فخر لها
    كن بخير دوما اخي

    ردحذف
  17. لك أمال الصالحي
    قلمك يشكل مفرقا وتحديافعلا افخر بمروره بمدونتي يا ام القمرين
    بوركت يا ابنة بلدي

    ردحذف
  18. لك المورقة عبير !!
    الروعة مرورك وتواجدك يا غالية
    حروفك دائما لها وقع خاص هنا
    كوني بخير دوما
    موفقة باذن الرحمان

    ردحذف
  19. لك محمد الجرايحى
    استاذي الكبير
    لتواجدك رونق خاص وقفة احترام واجلال لك اخي
    بوركت استادي

    ردحذف
  20. لك حرّة من البلاد..!
    جميلة هي حروفك التي تنثريها بمدونتي دوما تحمل من صمودك الكثير ومناسمك اكثر
    بوركت يا غالية

    ردحذف
  21. بسم الله وبعد
    أتمنى لك التوفيق دوما فيما يحبه الله ويرضاه
    تقبلي مروري

    ردحذف
  22. لك المنشد أبو مجاهد الرنتيسي
    اتشرف دوما بزيارتك يا صاحب القلب الطيب
    وتشرفني كلماتك التي ترسم في الاخواء اخوة ناذرة

    ردحذف
  23. برمجة لغوية عصبية

    رائعة يا حلم

    ردحذف
  24. لك أحمد محمد شمسان
    اسعدني مرورك اخي الطيب
    بارك الله فيك

    ردحذف
  25. ما هذا الرقيِّ ؟ ..

    صحيحاً يا أمل أن ثمّة شيء اختلفَ حقاً في مضمون هذاالنص ، القدرة على اختزال المشاعر و تركيزها على سبّة العمل على إنشاء الوضوح الذي يحبّه القارىء ..

    مُلاحظ التطور المتصاعد و المتنامي في المضمون ، أي فنيّاً ، رغم أن فكرة السَرد لم تراوّح كثيراً نوع الموضوع الذي تكتبه أمل ..

    ملاحظة :

    انسحبت خلسة واحتضنت فنجان قهوة ساخن وامتطيت النجوم من خلال نافدة تكاد لا تبصر إلا السماء ..

    برأيي فعلا : احتضنتُ ، امتطيتُ لا يضفيان للنص أي معنى زائد أو يفعمانه ِ بالحميميّة ، يكفي أن الإطار العام استطاع ذلك .

    فلما نحزن والسفر مجرد لعبة سخيفة من القدر ؟

    لِمَ ، على سبيل السؤال و مؤدّاه .

    ( معتصم )

    ردحذف
  26. لك معتصم
    كم جميلة الأمكنة حين تخفي بين طياتها زيارتك التي أنتظرها دوما ايها الناقد المميز
    أتدري أنك كنت ولا زلت محرار حرفي
    بكلماتك أعرف قدر حرفي وبصمته
    شرف لي تواجدك يا ابن الأرض الطيبة

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انشطار الذات الساردة: بين الحياة والموت قراءة في رواية " رائحة الموت" للكاتبة المغربية "ليلى مهيدرة"

  توطئة     تطرح  الكاتبة المغربية  "ليلى مهيدرة"  سؤال الموت في روايتها  "رائحة الموت" [1]   للتعبير عن رؤية مخصوصة لهذه الموضوعة، وبذلك تنخرط- منطلقة من تصورها الخاص ومن طريقة اشتغالها- في الامتداد التأسيسي لهذه الموضوعة، امتداد ينم عن وعي مسبق بإشكالية العلاقة بين الموت والحياة. فبناء على ميثاق سردي يُسْتهَلُّ السردُ في هذا العمل الروائي بإعلان الذات الساردة عن الموت، موضوعة جوهرية تمت الإشارة إليه تأسيسا على ميثاق قرائي في عدد من العتبات النصية الخارجية التي تمثل موازياتٍ نصيةً دالة ونصوصا مصاحبة وملحقات روائية مثل ا لعنوان  وا لإهداء : " للموت الذي تفوح منا رائحته حتى في اللحظات الأكثر حياة " تعزز هذه الموضوعة المركزية  بمُناصات أخرى  متمثلةٍ في  عتبة المقولات التقديمية [2]   باعتبارها  نصوصا موازية: "* الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا* (علي بن أبي طالب) * لا أدري إن كانت هناك حياة بعد الموت لكن أتساءل هل هناك حياة قبلها* ( بيير غابي) "  [3] . في هذا الإطار، تؤدي هذه العتبة داخل العمل الروائي بشكل عام،  " دورا مهما في

عزيز نسين وقراءة في مسرحية افعل شيئا يا مت

                                                                                 عندما قرأت مسرحية  ' افعل شيئا يا مت ' لكاتبها عزيز نسين   اعتقدت أنني قد عرفت الفكر الراقي لهذا المؤلف   التركي خاصة وأن الكتاب كان  إلى حد ما  شبيه بالفكر السائد بالمجتمع العربي والإسلامي .لكنني عندما اقتربت من مؤلفاته المتنوعة وجدته بحرا من التجارب الإنسانية  ولو أنها ارتبطت في أغلبها ببلده تركيا إلا أنها لا تختلف كثيرا عن ما عاناه الكتاب في البلدان العربية في مراحل مختلفة . من هو عزيز نسين ؟ كاتب تركي من رواد الأدب  الساخر في العالم بأسره ، ترجمت كتبه المتنوعة إلى 23 لغة وفاز بجوائز عدة من منتديات دولية لكن في بلده عاش  الكاتب المضطهد والمنفي لأنه عرى صورة بلاده أمام الغرب . اشتغل عزيز نسين واسمه الحقيقي محمد نصرت في مهن عدة ضابط جيش ورسام ومعلم للقرآن الكريم وبائع للكتب والمجلات ولم تكن اغلب هذه الوظائف إلا وسيلة للعيش في مناطق نفي إليها حتى يستطيع مقاومة البرد القارص والجوع  كما يظهر ذلك جليا في كتابه ذكريات في المنفى .  وللكاتب عدة مؤلفات روائية وقصصية ومقالات وسيرة ذاتية  ، ومن عناوين

خطة للتراجع عن قرار التراجع

 مدخل .      التراجع لم يعد استراتيجية حربية بقدر ما صار طريقة للعيش حتى أصبحنا نتراجع دون أن ندري لم في نفس الوقت الذي نكون فيه مقتنعين بالعكس .     لم يخبروه أن الحرب انتهت أو ربما اخبروه ونسي وظل يرسم الخطة للهجوم الأخير مبشرا نفسه بتحرير الباقي من أرضه وأسرى لم يكونوا إلا جنودا تحت إمرته رفضوا القرار الصادر من القيادة العليا وقرروا الهجوم خاصة وان ملامح النصر كانت بادية لهم بينما هو ظل بين صوته المسموع يزمجر لاهثا وراءهم يدعوهم للامتثال للأوامر العسكرية وصوت خفي يدعوه لكي يتقدمهم - لم نكن مهزومين فلما نتراجع؟ ظل يرددها حتى أسكته صوت القائد - يبدوا انك كبرت في السن وتحتاج للراحة مقدم حسام حسام إيه ...رددها بداخله وأنا لم أكن إلا عصا في أيديكم تقولون اضرب فاضرب وتقولون أحجم فأحجم احتضن انهزامه والقلادة العسكرية وعاد إلى بيته تناسى كما تناسوا هم سنين عمله وكده واجتهاده لكنه ظل يذكر أبناءه كما يناديهم دوما جنود أحرار كان طوال ليالي الحرب الطويلة يحكي لهم عن الأرض والعرض وعن الواجب وعن الوطن لا يدري لم يحس انه اخذلهم بقرار التراجع كلما تذكر تلك الليلة إلا وعاد ليستجمع أوراقه ويرسم الخ