التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عزيز نسين وقراءة في مسرحية افعل شيئا يا مت


                                                                                
عندما قرأت مسرحية  ' افعل شيئا يا مت ' لكاتبها عزيز نسين  اعتقدت أنني قد عرفت الفكر الراقي لهذا المؤلف   التركي خاصة وأن الكتاب كان  إلى حد ما  شبيه بالفكر السائد بالمجتمع العربي والإسلامي .لكنني عندما اقتربت من مؤلفاته المتنوعة وجدته بحرا من التجارب الإنسانية  ولو أنها ارتبطت في أغلبها ببلده تركيا إلا أنها لا تختلف كثيرا عن ما عاناه الكتاب في البلدان العربية في مراحل مختلفة .

من هو عزيز نسين ؟

كاتب تركي من رواد الأدب  الساخر في العالم بأسره ، ترجمت كتبه المتنوعة إلى 23 لغة وفاز بجوائز عدة من منتديات دولية لكن في بلده عاش  الكاتب المضطهد والمنفي لأنه عرى صورة بلاده أمام الغرب .
اشتغل عزيز نسين واسمه الحقيقي محمد نصرت في مهن عدة ضابط جيش ورسام ومعلم للقرآن الكريم وبائع للكتب والمجلات ولم تكن اغلب هذه الوظائف إلا وسيلة للعيش في مناطق نفي إليها حتى يستطيع مقاومة البرد القارص والجوع كما يظهر ذلك جليا في كتابه ذكريات في المنفى .
 وللكاتب عدة مؤلفات روائية وقصصية ومقالات وسيرة ذاتية  ، ومن عناوينها نستطيع أن نميز هذه الشخصية الفريدة
-         نحن معشر الحمير
-          الحذاء الضيق
-         الحمار الميت
-         بين الراكب والماشي
-         عاش الوطن
-         لا تنسى تكة السروال
-         ذنب الكلب
-         يساري أنت أم يميني
-         أطفال آخر زمن
-         ألا يوجد حمير في بلدكم
-         لن نصبح بشرا
وغيرهم كثير جدا  فالمؤلف كان يكتب واقعه بشكل ساخر يجعله لا يمل الكتابة ونحن لا نمل القراءة...

قراءة لمسرحية  افعل شيئا يا مت


أحداث المسرحية تدور في بيت يعيش فيه البطل مِت رفقة أبيه وأمه وجده و الخادم حيث أنهم مطالبون بفعل ما قد يخلدهم في الحياة وعلى قدر أعمالهم تكون هبة الحياة
وهو أمر مخول  لطبيب  يزورهم وفي يديه إبريق ماء وخبز وكأس به السم ليواجههم مع دواتهم ومع ما قد عملوه ليستحقوا العيش .
في المسرحية أيضا أصوات أناس غوغاء يعيشون في ظلام دامس ويتأهبون دوما لابتلاع من حكم عليه بالموت  ، كما أن هناك صور تتكلم لتحكي قصتها مع الخلود فيهم فنانين وشعراء وأيضا ضباط جيش وأناس قدموا للإنسانية ما جعلهم يخلدون لقرون
بطل المسرحية شاب توقف طوله وبالضرورة عليه أن يقدم للطبيب عملا يمنحه الحياة والاستمرار لكنه لا يعير الأمر اهتماما وأمام إصرار الكل بأن يفعل شيئا ما
في الجملة المكررة دوما والتي اُخذ منها المسرحية عنوانها
-         افعل شيئا يا مت
يتعمد مت تحريك ساقه وهو ممدد على الأريكة ليقول للكل
هاأنا أحرك ساقي استهزاء بالحياة وبالطبيب الذي لم يصدق بوجوده إلا بعد أن أبصره أمامه وهو يطالبه بما قدم فلا يجد أمامه إلا سرقة علبة جده التي يحاول أن يملأها بالظلام حتى يسود النور العالم  ولكن بعد فشله لم يجد بد من استجداء الطبيب
الذي منحه أربع وعشرين ساعة فقط  وبعدها وبعدما استمع إلى حكاوي من خلدوا  قبله لم يجد غير الخروج للغوغاء لينبث لهم أن الحياة هي من حق الجميع وأنها أمانة علينا العمل على إيفائها حقها ليخلد مت بعدها وليشع النور في المكان .
ما راقني هنا في هذه المسرحية مجموعة من الجمل القوية والتي قد تحتاج منا لكتب لتحليلها وفهم مغزاها حيت تشير الى نعم الله علينا ...
فنحن مدينون لأبصارنا ولأيدينا ولكل ما وهبه الله لنا لذا علينا إيفاء هذا الدين
والعمل حتى لا نتحول إلى مجرد أموات لا تجيد إلا الأكل والشرب ...

الموضوع الموالي إن شاء الله سيكون  قراءة لكتابه الرائع ذكريات من المنفى



تعليقات

  1. مساء الورد حلم
    راقَ لي موضوعك
    القراءات الأدبية جميلة وأسلوبك زادها جمالاً ...
    أنتظر قراءة " ذكريات من المنفى "
    كلّ الشكر لكِ

    ردحذف
  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاكى الله كل الخير على طرحك الجميل
    دمتى بكل خير
    تحياتى
    ابتسام محمد (ولا بالاحلام)
    سنووايت (اميرة الاحلام)

    ردحذف
  3. بصراحه انا عمري ما قريت حاجات زي ده بس بتعجبني اسمع مقتطفات عنها واعجبني فكرة التعرف على الكتاب انا حاولت وقريت زمان ل تشارلز دكنز وفيكتور هوجو بس ما جربتش اقرا لغيرهم ونشكرك على تعرفينا بالمتميزين في عالم الادب
    تقبلي تحياتي

    ردحذف
  4. السلام عليكم ورحمة الله
    تواجدك الأجمل نور
    أنصحك بالقراءة له فهو كاتب مميز جدا

    ردحذف
  5. وعليكم السلام ورحمة الله
    اهلا بالقمرين
    ابتسام محمد (ولا بالاحلام)
    سنووايت (اميرة الاحلام)
    أسعد دوما بإشراقتكما في مدونتي
    الف وردة لعبير مروركما

    ردحذف
  6. لك eng_semsem
    أهلا بتواجدك أخي
    عزيز نسين كاتب متميز يسنحق القراءة فعلا وكتاباته سلسة ومليئة بالمفارقات مما يشجع على الإقبال عليها
    أنصحك به أخي

    ردحذف
  7. معلومات قمة في الروعة والافادة
    بصراحة اول مرة اقرأ عنها
    جزاك الله خيرا ع الافادة
    تسلم ايدك
    تحياتي

    ردحذف
  8. براغم اننى لم اقراء للكاتب المزكور
    لكننى اعرف ان تركيا بها مبدعين عظماء
    وبما ان الشى بالشى يزكر
    اعتقد ان هناك ارتباط فكرى وثقافى بيننا كاعرب ومسلمين وبين الاتراك

    نتيجة لاننا ننتمى الى عالم اسلامى واحد
    ثم علاقة تاريخية بين العرب والاتراك امتدت عبر قرون طويلة
    تحياتى

    ردحذف
  9. لك karmen
    اسعدني تواجدك يا غالية
    واتمنى فعلا ان تكون صفحاتنا مجالا للتعرف على مثل هؤلاء الادباء الممميزين

    ردحذف
  10. اليك أخي عباس ابن فرناس
    فعلا أنصحك بالقراءة له فله كتابات راقية جدا
    وكما أشرت أخي هناك تشابه كبير بين ما عاناه كتابنا وما عاناه وأيضا بين واقعنا والواقع الذي صوره في كتاباته
    أسعدني تواجدك اخي
    بارك الله فيك

    ردحذف
  11. هوس الحلم
    ما اروع هذا الكاتب حقا يستحق التبجيل والأحترام
    له أسلوب راقي
    اسلوب مسرحي مميز
    قد لاأعرف كثيرا عن المسرح ولكن هنا انا معجب بما نقلتي من روعه وابداع صادق بلا حدود
    تحيتي
    ببلا عنوان فأنت تعرفين عنواني

    ردحذف
  12. أيها الأحبة ...
    تقبل الله طاعتكم
    واتم بالعيد فرحتكم
    واقر أعينكم بنصر امتكم
    وكل عام وأنتم بألف خير .

    ردحذف
  13. الى غير معرف
    أسعدني تواجدك
    بارك الله فيك

    ردحذف
  14. اليك ميساء البشيتي
    وكل عام وانت الى الله اقرب يا طيبة
    بارك الله فيك

    ردحذف
  15. بصراحه اول مره اسمع عن عزيز نسين

    مشكوره يا حبيبتي على المعلومات الجميله

    ردحذف
  16. السلام عليكم

    طال غيابي عن هذا المكان، وها انا اليوم أعود حاملا كلماتي ألقيها في هذا التعليق البسيط، أحسست أن التعبير علاه الصدأ لأني منذ أكثر من عشرة أيام لم أكتب شيئا.
    المسرحية يطبع عليها طابع الرمزية، وذلك واضح من شخصياتها، وطريقة تلخيصك لها قد يصعب على الكثيرين فهم ما ترمي له، ولكنك استدركت الموقف في نهاية حديثك أن أشرت إلى المغزى الذي تدور حوله المسرحية.
    عندي بعض الأسئلة حتى تتضح فكرة المسرحية أكثر:
    1- ما علاقة الطبيب الذي يحمل ابريق ماء وخبز وكأس سم بشخصيات المسرحية؟
    2- ما رمزية الغوغاء هنا هل هو تصنيف وطبقية؟
    3- هل سخرية مت من الحياة والطبيب هو بماتبة كسر قانون ما، أو محاولة منه أن يهب للناس الحياة؟؟

    شكرا لك على المجهود، وأنا أنتظر منك ردا على أسئلتي.
    دمت بخير.

    ردحذف
  17. لك Dr/ walaa salah
    أسعدني مرورك وتواجدك
    دمت بألف خير

    ردحذف
  18. اليك أبو حسام الدين
    اولا حمدا لله على سلامتك أيها الطيب والمكان دائما لا تكل اشراقته الا بتواجد حورفك أخي العزيز
    أسعدني أن المسرحية أثارت حب الاستطلاع عندك
    وأسئلة في قمة الروعة فهي تحمل في طياتها عبق المسرحية
    1- الطبيب وكما يعرف نفسه هو تواجد في فكر تلك العائلة فقط فهو لو اردت هو ذاك الحافز بداخلنا دوما لنكون مبدعين خلاقين وليس مجرد مستهلكين ، فهو يعرف نفسه أنه متواجد طالما هناك من يؤمن به
    2-الغوغاء ليس طبقية اجتماعية وانما هو الفكر البسيط منا تلك الشخصية التي تتهرب بدعوى العجز وبدعوى انها لا تملك القدرة على الابداع والابتكار فتظل ترقب الفاعلين لتقتاة من انتصاراتهم وتبتلع انهزاماتهم
    3- مت هو الحس الشبابي او نظرة المراهق للحياة حيث انه لفترة معينة تهب له الدنيا نوعا من البقاء ولكن في لحظة التغير وعندما يطلب منه ان يكون فاعلا في المجتمع يكون تمرده وسخطه لكنه لا يلبث ان ينتفض ليدرك انه بالفعل محتاج ان يكون هو ذاته لا تابعا لمن سبقوه وهذا ما ترمز اليه المسرحية ككل ، فمت عاش وهو يطلب من امه وأبيه أن يمنحاه بعضا من حياتهم لكنهما يرفضان على اعتبار ان كل مخلوق هو كائن قائم بذاته وعليه أن يجد لمفسه مسارا واسما
    واخيرا اخي رشيد لا اخفيك سرا انني قرأت المسرحية مرتين وأعجبت بفكرها وبالطرح الذي قدمت به ويسعدني فعلا أن تبرق أسئلتك في ردودي
    أشكرك أيها الطيب
    وسعيدة بعودة قلمك لينير مدونتي

    ردحذف
  19. طرح جميل وراقى

    اجدت فيه وتميزت

    جزاك الله كل خير

    وجعله فى ميزان حسناتك

    اشكرك على التواصل

    تحياتى

    ردحذف
  20. مجرد اموات لا تجيد إلا الأكل, نعم في كثير من الأحيان
    جميل عزيزيتي

    ردحذف
  21. لك جايدا العزيزي
    التميز وجودك ايتها الراقية
    سعدت بحروفك

    ردحذف
  22. لك جلنار
    الاكمل تواجدك
    بارك الله فيك يا طيبة

    ردحذف
  23. قرأت لهذا الكاتب الفذ، وكتاباته من اروع ما قرأت، بأسلوبه البسيط الساخر، الصالح في غالبه لكل الدول من حيث معالجة مآسي اللمجتمع بأشكاله وألوانه...
    كتاباته تستحق القراءة لمن يبحث عن المتعة الحقيقية بين الحروف...
    سيدتي شكرا لتنبيه القراء لأعماله فهي أحق أن تقرأ
    تحياتي

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انشطار الذات الساردة: بين الحياة والموت قراءة في رواية " رائحة الموت" للكاتبة المغربية "ليلى مهيدرة"

  توطئة     تطرح  الكاتبة المغربية  "ليلى مهيدرة"  سؤال الموت في روايتها  "رائحة الموت" [1]   للتعبير عن رؤية مخصوصة لهذه الموضوعة، وبذلك تنخرط- منطلقة من تصورها الخاص ومن طريقة اشتغالها- في الامتداد التأسيسي لهذه الموضوعة، امتداد ينم عن وعي مسبق بإشكالية العلاقة بين الموت والحياة. فبناء على ميثاق سردي يُسْتهَلُّ السردُ في هذا العمل الروائي بإعلان الذات الساردة عن الموت، موضوعة جوهرية تمت الإشارة إليه تأسيسا على ميثاق قرائي في عدد من العتبات النصية الخارجية التي تمثل موازياتٍ نصيةً دالة ونصوصا مصاحبة وملحقات روائية مثل ا لعنوان  وا لإهداء : " للموت الذي تفوح منا رائحته حتى في اللحظات الأكثر حياة " تعزز هذه الموضوعة المركزية  بمُناصات أخرى  متمثلةٍ في  عتبة المقولات التقديمية [2]   باعتبارها  نصوصا موازية: "* الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا* (علي بن أبي طالب) * لا أدري إن كانت هناك حياة بعد الموت لكن أتساءل هل هناك حياة قبلها* ( بيير غابي) "  [3] . في هذا الإطار، تؤدي هذه العتبة داخل العمل الروائي بشكل عام،  " دورا مهما في

خطة للتراجع عن قرار التراجع

 مدخل .      التراجع لم يعد استراتيجية حربية بقدر ما صار طريقة للعيش حتى أصبحنا نتراجع دون أن ندري لم في نفس الوقت الذي نكون فيه مقتنعين بالعكس .     لم يخبروه أن الحرب انتهت أو ربما اخبروه ونسي وظل يرسم الخطة للهجوم الأخير مبشرا نفسه بتحرير الباقي من أرضه وأسرى لم يكونوا إلا جنودا تحت إمرته رفضوا القرار الصادر من القيادة العليا وقرروا الهجوم خاصة وان ملامح النصر كانت بادية لهم بينما هو ظل بين صوته المسموع يزمجر لاهثا وراءهم يدعوهم للامتثال للأوامر العسكرية وصوت خفي يدعوه لكي يتقدمهم - لم نكن مهزومين فلما نتراجع؟ ظل يرددها حتى أسكته صوت القائد - يبدوا انك كبرت في السن وتحتاج للراحة مقدم حسام حسام إيه ...رددها بداخله وأنا لم أكن إلا عصا في أيديكم تقولون اضرب فاضرب وتقولون أحجم فأحجم احتضن انهزامه والقلادة العسكرية وعاد إلى بيته تناسى كما تناسوا هم سنين عمله وكده واجتهاده لكنه ظل يذكر أبناءه كما يناديهم دوما جنود أحرار كان طوال ليالي الحرب الطويلة يحكي لهم عن الأرض والعرض وعن الواجب وعن الوطن لا يدري لم يحس انه اخذلهم بقرار التراجع كلما تذكر تلك الليلة إلا وعاد ليستجمع أوراقه ويرسم الخ