التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أنا وشريكتي


مهما حفنا الأصدقاء بنصائحهم وحبهم وتقديرهم إلا ونحتاج صديقا أقرب إلينا من دواتنا ، صديق نقتسم معه الفكرة وهي نطفة في مخيلتنا ، يلطف الجو المحيط بنا ويحررنا من غربتنا مع أنفسنا ، فيكون السند والعون لنا على ما قد لا يحتمله صدرنا
وأنا اخترت أن  يكون لي صديق ، رفيق أناجيه ويناجيني ، يكون أقرب إلي من ذاتي
يشاركني بسماتي ويمسح الدمع قبل أن يصل خدي ، أحسه العين التي تحرسني وتحميني من صغائري ، صديقا يكون بيننا جمل معينة لا تقال لغيرنا ، وسيلة لا يفهمها سوانا ، حوار ولغة خاصة بنا نحن ،  ..
    صديقي سيكون فكرة في داخلي ، أمنحه صفة الاستقلالية عني وأهبه كل الصلاحيات ليكون الرفيق المطلع الوحيد على أسراري ولأني ديمقراطية بطبعي طلبت منه أن يختار لنفسه ركنا من فكري ويستوطنه ويتكلم من خلاله ، منحته فرصة للتفكير وأكملت قراءة كتاب في يدي فإذا بضجة تملأ فكري
-         ماذا تفعل
-         أزعجتك ربما
-         لا عليك ما هذه الضجة
-         بصراحة وبما أنك منحتني فرصة اختيار أي ركن فأنا اخترت هذا الذي لم يفتح من مدة
-         كيف يعني ، قلتها وبداخلي شيطاني يهدد بأن يتخلص من الفكرة كلها لكنه فاجأني وأجاب
-         سأكون الشخصية الساخرة منك ،
جحظت عيني ربما لأنني اكتشفت  هذه الشخصية التي لم أكن أعرفها من قبل
لكنني وبين القبول والرفض أجد قوة الفضول بداخلي تدعوني للاستمرار خاصة وأن الفكرة في بدايتها ويوم أمل منها ما علي سوى التخلص منها وقتل فكرة حسب علمي لا يحاسب عليها القانون
لم يكن هو ليهتم بما يدور بخلدي  ، فهو كان منشغلا بنفض الغبار عن هذا الركن المنزوي دون حتى أن يعيرني أدنى اهتمام ، أعجبني نشاطه وهو يشتغل بهمة ونشاط ويضحك من كل هذا الحطام وهو يغني محاولا تقليد الأصوات باستخفاف شديد ، ابتسمت لهذا الدخيل الذي لم يكن دخيلا واستسلمت لإكمال قراءة كتابي وكلما تعالى صوته أشار إلي معتذرا وأكمل عمله متجاهلا لكل ما حوله،
لا أدري كيف غفوت على كتابي لأصحو وملامح صديقي يحاول تقمص وجهي و أنا نائمة ، ابتسمت نصف ابتسامة تحية له لكنه عاد لركنه وارتمى فيه وبدا يدندن بصوت يحاول تضخيمه ، ثم أردف قائلا
-         ألا يمكنني أن أمتلك جسدا
-         ماذا ؟؟
لا أدري كيف أحسست أن الأمور بدأت تنفلت من بين أصابعي كرمل حار
-         جسدا ، أي جسد حتى وإن كان من ورق أو من هواء أو من حديد وبدأ يقلد مشيته وهو بتثاقل ويقهقه ، لم يمنحني فرصة للرد وجلس يرسم شكله الجديد ويتكلم عن ميزة الجسد بالنسبة له ولي أيضا
-         - لو كنت من هواء فسأرافقك في كل مكان ولن يراني غيرك  أكلمك وأنت لا تستطيعين أن  تجيبي وإلا لاتهموك بالجنون وبدأ يقهقه عاليا أجبت غاضبة
-         لا لن ترافقني إلى أي مكان ستكون حدودك داخل حيطان هذا البيت .
أجاب بثقة من أحرز فوزا
-         المهم أخدنا الموافقة المبدئية من إنني استطيع أن يكون لي  جسدا ولو من هواء
لا عليك عزيزتي – قالها بصوت منخفض في إذني – سأكون معك وحدك هنا ،أنا هواء والهواء يستطيع أن يحضنك . ثم قهقه عاليا ..
أخجلتني الفكرة وما يلمح له  فقررت أن تكون خسارتي اقل
-         لن تكون صديقي
-         - ماذا ؟
-         ستكون صديقتي  وستكون من ورق
-         واو .بدا يقلد مشية الفتيات بغنج زائد ويتظاهر بالخجل  ثم أردف سأبدأ بتجهيز فساتيني فلا يمكن  أكون أقل أناقة حتى لا يعتبرونني خادمتك وابتسم وراح يرسم تصاميم فستانه الجديد وقصة شعره فلم أجد نفسي إلا وانأ أخد مقصي وارسم له جسدا ورقيا على مقاسه وملابس من ورق وما هي إلا ثوان حتى كانت صديقتي تجوب الغرفة جيئة وذهابا وتعبث في كل ملفاتي ولأول مرة لم يزعجني الأمر فهي ليست غريبة إنها  شريكتي ..
                                                                                                           

تعليقات

  1. جميل اوي طريقة تفكيرك

    بس احسن حاجه عجبتني لما قلتيله هتكون صديقتي ههههههه

    بس بجد اسلوب جميل اوي

    تفتكري اننا ممكن نعمل كده فعلاً

    ردحذف
  2. نصنع الأنس في بحر الوحدة أحيانا، وحده الخيال من يمكن أن يفهم هواجسنا، ووحده القادر على استيعاب أي شيء يجول في الخاطر.
    دمت بخير.

    ردحذف
  3. جميلٌ عندما نبحر في أعماق ذواتنا نخرج بأعذب أفكار وأعذب كلمات ...
    دام إبداعك

    ردحذف
  4. السلام عليكم
    مالفت نظرى شىء اجمل من الاحساس العميق ...مالفت نظرى تحكمك فى ابجديات اللغة شىء يفتقر اليه كثيرين من المدونين الان .. واكثرهم يتحدث بالعامية حين يكتب

    اشكرك حبيبتى انك سمحت لنا مشاركتك همساتك وعلاقتك الرائعة بينك وبين شريكتك

    استمتعت بحروفك الرائعة وبساطة اسلوبك

    تحياتى لك

    ردحذف
  5. لك Dr/ walaa salah
    اسعدني تواجدك يا راقية
    وافرحتني حروفك والبسمة التي ارتسمت على شفتيك
    لم لا غاليتي لنحاول على الاقل حتى لا نتهم بالجنون ونحن نكلم أنفسنا فلنوهم من حوالينا اننا نكلم قطعة ورق رسمت عليها فتاة

    ردحذف
  6. أخي أبو حسام الدين
    تواجدك دوما هو مفخرة لمدونتي وحروفك التي ترصع كتاباتي
    تظل لها جمالية خاصة
    بارك الله فيك ايها الطيب

    ردحذف
  7. لك نور
    الحاجة ام الاختراع والاحساس بالوحدة عادة ما يولد فينا البحث عن شريك ولو من وهم
    انرت

    ردحذف
  8. للغالية م هريرة (lolocat)
    لتواجدك الاول بمدونتي وقع خاص ، فانا منذ البدء أعجبت بمواضيعك القيمة وتنوع مدوناتك
    ثقي غاليتي ان حروفي بمرورك اصبحت أجمل
    تحياتي

    ردحذف
  9. بجد انتى كاتبة رائعة بجانب انكى لديك خيال واسع فقد تخيلتى شخصية من ورق واطلقتى فيها الروح لتكون صديقة
    تتحدثين اليها وتتحدث اليك
    الحقيقة البوست عجبنى جدا انتى مبدعة حقا

    ردحذف
  10. السلام عليكم
    قصة رائعة
    وكل كلماتها رائعة

    ردحذف
  11. لك هبة
    الروعة تواجدك يا رائعة والجميل استقبالك للنص
    اسعدني تواجدك يا طيبة

    ردحذف
  12. وعليكم السلام زهرة(جنى)الاسلام
    يفرحني حرفك حين يشرق في المكان
    بارك الله فيك

    ردحذف
  13. فكره جميله وجديده ان احنا نخرج جزء مننا بنحاول دايما نخفيه ونسمع منه ونناقشه يمكن نقتنع بيه وياريت يكون ساعدك عشان انا هفكر اطلع جزء مني اقتله وواحد تاني اعيش معاه
    تقبلي تحياتي واعجابي بالفكره

    ردحذف
  14. فكرة جميلة جدا تسلم بنات افكارك
    كل سنة وانتي طيبة وسنة خير انشالله علي الجميع
    تقديري واحترامي

    ردحذف
  15. السلام عليكم
    ها أنا أسجل أعجابي بأسلوبك في سرد القصة ...
    قدتبدوا القصة خيالية ولكن في مضمونها قد تكون واقعية ..
    ففي لحظات نشعر بأن ثمة أشياء تفهمنا ...غير البشر ...
    ربما الورق الذي أرسم به خطوطاً وألوان وربما كتاب ..
    وربما وربما ....

    تحية عطرة لقلمك الجميل .

    ردحذف
  16. اليك eng_semsem
    اهلا بك يا طيب اتمنى فعلا ان تجرب الامر لكن بلاش قتل
    التعامل بالحسنى احسن
    بارك الله فيك يا طيب
    وكل سنة وانت بالف خير

    ردحذف
  17. اليك سندباد
    يروق لي دوما تواجدك
    وكل عام وانت طيب

    ردحذف
  18. لك ولاء
    كم جميل ما خطه قلمك هنا فقد حملني الى عوام زرتها وشريكتي فمعها اكون على طبيعتي اكثر وبعفوية تحررني من كل العقد
    لحظة صدق كاملة
    بارك الله فيك يا طيبة وكل عام وانت رائعة

    ردحذف
  19. سنة هجرية مباركة ...1432 هــ


    نسأل الله تعالى أن يجعلها سنة خير وبركة على الجميع

    و كما جمعنا في الملتقى بدون ميعاد أن يجمعنا في الفردوس الأعلى إنه سميع مجيب

    ردحذف
  20. كل الشكر لك على هذا الطرح الرائع والموضوع الجميل
    مدونة جميلة ومرتبة ومواضع مميزة
    كلام روعة كتابتك ؟؟
    ابداع ابداع
    شكرا لك
    سنة هجرية مبارك وكل عام وانت بالف خير

    ردحذف
  21. السلام عليكم جميعا
    تحياتي لك حلم ..حقيقة منذ زمن لم أقرأ فنا ممزوجا ً بالفلسفة الواقعية مثلما قرأت هنا.. في نظري لكل شخص بداخله يحيا شخصا آخر يشاركه أفكاره ويناقشه دوما في آراءه, ولكن يكون هذا الشخص الذي يسكننا أكثر صراحة منا لأننا نحن مقيدون دوما بواقع وعادات ومجتمع وظروف وقدر يلزمنا ويتحكم بأفعالنا ومصيرنا ..أما ذلك الشخص رغم أنه يحتل الجزء الاعظم منا إلا أنه أكثر حرية منا ولو منحناه المجال لعبر عنا بطريقة اقرب الى شخصنا مما نعبر نحن عن أنفسنا..قد يكون أسلوبي معقدا لكن هذا ما أراه
    لك تحياتي مرة أخرى صديقتي حلم..نعم صديقتي لأنه كل من يمر هناك عبر مدونتي يصبح صديقا لكلماتي وأفكاري وذاتي...من فلسطين بلدي أهديك السلام والاعتزاز وأشكرك على مرورك الكريم عير مدونتي....

    ردحذف
  22. تدوينة اقل ما يمكن ان يقال عنها؛ انها راقية..
    وجدت في مآنستك للذات نوعا من الخروج عن المألوف، لكنه يبقى رقيّاً فكرياً، و فلسفياً في آن واحد..
    شريكتكِ، ألهمتني و قادتني لأقتدي بخطواتك علّني أفلح في تصوّر صديق جديد، و أنا الذي يخاف من الصديق ألف مرة و يخاف العدو مرة..

    شكرا على التدوينة، و التي فعلا الهمتني لكتابة موضوع جديد بمدونتي..

    ردحذف
  23. لتفاعل أكثر بين المدونين تم اختيارك هناك:
    http://hams-rroh.blogspot.com/2010/12/blog-post_09.html

    ردحذف
  24. السلام عليكم ورحمة الله
    أخي bouyesfy
    وأنت طيب واشكرك على مبادرتك بتهنئي بالسنة الهجرية الجديدة ولهلها تكون سنة موفقة باذن الله

    ردحذف
  25. أخي عبدالله أتومنار
    اشكر تواجدك أيها الطيب خاصة وان مدونتك تجعلني بالإلفة والتناغم الذي تعزفه الطبيعة المغربية ببساطتها
    تواجدك بين حروفي شرف أعتز به أخي

    ردحذف
  26. اليك غاليتي زينة زيدان
    أتدرين أنه بقراءتك لحروفي قد أفشيت سري ، فشريكتي قد توسع لها الدائرة الحمراء حتى تبوح بما أعجز عن قوله ، فأساندها خفية واناقشها جهرا فكم نحتاج دوما للتحرر من قيود ارتسمت حولنا ويصبح الكلام يقلب بألسنتنا آلاف المرات ولعله لا يظهر أو لعله يظل فينا يجتم على صدورنا ويخلق من الحقيقة حقائق يطعمها الشك بداخلنا ونحس أننا مكبلين بقيد خفي
    اسعدني تواجدك وافتخر ان عقدي الفلسطيني قد تنزين بجوهرة جديدة

    ردحذف
  27. أخي Dr-Web.Net
    تواجد هنا ألهمني أن أتسلل الى مدونتك وأن أبحث في هوية هذا الطارق الذي نثر حروفه هنا ، هممت بالرد لكنني ترجعت لانه ولأول مرة اجدنى اتعمق في مدونة وابحث في حروفها حرفا حرفا لدرجة انني وجدت ان حرفي يعجز عن وصف البياض المشع من الحروف
    ساعود طبعا ولعل حرفي لا يشوش هدوء حرفك وفي انتظار صديقك الخفي وصدقني لن تجد أوفى منه
    كل سنة وانت طيب أخي وسعدت بتواجدك

    ردحذف
  28. اليك أخي الغالي أبو حسام الدين
    هي بادرة طيبة منك
    ساكون في الموعد ان شاء الله ولعلي أنجح في الأمر
    دمت صديقا واخا غاليا

    ردحذف
  29. أحيي سعة مخيلتك وإيمانك بمستقبل مشرق يسع الجميع يخالف كل حيز ضيق وخاصة ضيق الفكر المتمظهر في سلوكات التحجر .

    ردحذف
  30. عزيزتي حلم لقد عشت معك فصول قصتك او فلنقل حلمك الجميل :)
    رائع هو تعبيرك و خيالك المحلق بعيدا ...دمتي مبدعة
    تقبلي تحياتي

    ردحذف
  31. جميل هذا الابداع الطاعن في الخيال..
    صديق يمسح دمعا قبل ان يصل خدك..
    يشتت نفسه كي يجمعك...
    ..ما اسعده ذاك الذي يحظى به....
    .
    تلك الاماكن التي يعلق بها ركام...وغبار وحطام...الغرفة المظلمة ذات المفتاح الصديء...
    ..
    من تراه يستطيع فتحها ...
    لن يكون صديقا..اذن..ولا حتى شريك...
    بل قد يكون انت ...
    حلم ..تحياتي ..

    ردحذف
  32. لك majid
    تحية لتواجدك الطيب اخي بوركت

    ردحذف
  33. لك كوني طيبة faizadeh
    اختي الطيبة اسعد دوما بتواجدك ويسعدني دوما تتبعك
    اشتقت اليك يا غالية

    ردحذف
  34. لك حورية
    تحياتي لك غاليتي حورية وصدقيني افرح دوما بتواجدك الراقي واسعد بحروفك التي تشع بياضا هنا
    مبدعة دوما يا اغلى صديقة

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انشطار الذات الساردة: بين الحياة والموت قراءة في رواية " رائحة الموت" للكاتبة المغربية "ليلى مهيدرة"

  توطئة     تطرح  الكاتبة المغربية  "ليلى مهيدرة"  سؤال الموت في روايتها  "رائحة الموت" [1]   للتعبير عن رؤية مخصوصة لهذه الموضوعة، وبذلك تنخرط- منطلقة من تصورها الخاص ومن طريقة اشتغالها- في الامتداد التأسيسي لهذه الموضوعة، امتداد ينم عن وعي مسبق بإشكالية العلاقة بين الموت والحياة. فبناء على ميثاق سردي يُسْتهَلُّ السردُ في هذا العمل الروائي بإعلان الذات الساردة عن الموت، موضوعة جوهرية تمت الإشارة إليه تأسيسا على ميثاق قرائي في عدد من العتبات النصية الخارجية التي تمثل موازياتٍ نصيةً دالة ونصوصا مصاحبة وملحقات روائية مثل ا لعنوان  وا لإهداء : " للموت الذي تفوح منا رائحته حتى في اللحظات الأكثر حياة " تعزز هذه الموضوعة المركزية  بمُناصات أخرى  متمثلةٍ في  عتبة المقولات التقديمية [2]   باعتبارها  نصوصا موازية: "* الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا* (علي بن أبي طالب) * لا أدري إن كانت هناك حياة بعد الموت لكن أتساءل هل هناك حياة قبلها* ( بيير غابي) "  [3] . في هذا الإطار، تؤدي هذه العتبة داخل العمل الروائي بشكل عام،  " دورا مهما في

عزيز نسين وقراءة في مسرحية افعل شيئا يا مت

                                                                                 عندما قرأت مسرحية  ' افعل شيئا يا مت ' لكاتبها عزيز نسين   اعتقدت أنني قد عرفت الفكر الراقي لهذا المؤلف   التركي خاصة وأن الكتاب كان  إلى حد ما  شبيه بالفكر السائد بالمجتمع العربي والإسلامي .لكنني عندما اقتربت من مؤلفاته المتنوعة وجدته بحرا من التجارب الإنسانية  ولو أنها ارتبطت في أغلبها ببلده تركيا إلا أنها لا تختلف كثيرا عن ما عاناه الكتاب في البلدان العربية في مراحل مختلفة . من هو عزيز نسين ؟ كاتب تركي من رواد الأدب  الساخر في العالم بأسره ، ترجمت كتبه المتنوعة إلى 23 لغة وفاز بجوائز عدة من منتديات دولية لكن في بلده عاش  الكاتب المضطهد والمنفي لأنه عرى صورة بلاده أمام الغرب . اشتغل عزيز نسين واسمه الحقيقي محمد نصرت في مهن عدة ضابط جيش ورسام ومعلم للقرآن الكريم وبائع للكتب والمجلات ولم تكن اغلب هذه الوظائف إلا وسيلة للعيش في مناطق نفي إليها حتى يستطيع مقاومة البرد القارص والجوع  كما يظهر ذلك جليا في كتابه ذكريات في المنفى .  وللكاتب عدة مؤلفات روائية وقصصية ومقالات وسيرة ذاتية  ، ومن عناوين

خطة للتراجع عن قرار التراجع

 مدخل .      التراجع لم يعد استراتيجية حربية بقدر ما صار طريقة للعيش حتى أصبحنا نتراجع دون أن ندري لم في نفس الوقت الذي نكون فيه مقتنعين بالعكس .     لم يخبروه أن الحرب انتهت أو ربما اخبروه ونسي وظل يرسم الخطة للهجوم الأخير مبشرا نفسه بتحرير الباقي من أرضه وأسرى لم يكونوا إلا جنودا تحت إمرته رفضوا القرار الصادر من القيادة العليا وقرروا الهجوم خاصة وان ملامح النصر كانت بادية لهم بينما هو ظل بين صوته المسموع يزمجر لاهثا وراءهم يدعوهم للامتثال للأوامر العسكرية وصوت خفي يدعوه لكي يتقدمهم - لم نكن مهزومين فلما نتراجع؟ ظل يرددها حتى أسكته صوت القائد - يبدوا انك كبرت في السن وتحتاج للراحة مقدم حسام حسام إيه ...رددها بداخله وأنا لم أكن إلا عصا في أيديكم تقولون اضرب فاضرب وتقولون أحجم فأحجم احتضن انهزامه والقلادة العسكرية وعاد إلى بيته تناسى كما تناسوا هم سنين عمله وكده واجتهاده لكنه ظل يذكر أبناءه كما يناديهم دوما جنود أحرار كان طوال ليالي الحرب الطويلة يحكي لهم عن الأرض والعرض وعن الواجب وعن الوطن لا يدري لم يحس انه اخذلهم بقرار التراجع كلما تذكر تلك الليلة إلا وعاد ليستجمع أوراقه ويرسم الخ