التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رصا صة الرحمة



لا أدري لم أحسست أن السماء قريبة اليوم ، ربما لأني ظُلمت كثيرا، وربما لأنها قررت أن تنطبق علي هي الأخرى وأن تريحني من عذاباتي ، تسللت لفراشي كمحاولة للهروب من الوخز الذي بدأ يمارس لعبته المفضلة في تقليص عضلات صدري ...فرغم أن كلام الطبيب كان مطمئنا إلا أني لم ألحظ ذاك التحسن الذي تكلم عنه، فالوخز ازداد أكثر من أي وقت مضى ، كم غريب كيف أن المرض استوطن جسدي كل هذه المدة ولم أشعر به قط ، وكم هي الأشياء التي تبدوا دائما على غير ما هي عليه ...
هي سنة الحياة وأنا دائما أومن أن لكل بداية نهاية ، والخريف هي لعبة قدرية ترسم على شفاهنا اصفرارها ، وتجعل الخذلان رفيقنا ، فتخدعك عينك وقلبك وحتى نبضاتك ، وفي الأخير ترسم على الأطراف ذبولا يجعلك تعيف وجودك وتستعجل النهاية ، فلا تأتي النهاية تدللا ، هو قانون الطبيعة في أسوأ فصوله ...
لا أدري حتى لم خطر في بالي الآن جارنا مولاي إبراهيم وطاقيته المشهورة التي كان يسميها طاقية الرضا وكيف يضعها على رأس الابن الأكثر سخاء وبالتالي يرغمهم على التنافس ووهبه يومياتهم ، كنت دوما أشفق على هؤلاء الصغار وأراهم ضحية مؤامرة سخيفة من الأب الذي لم يرحم قط طفولتهم ...
أشفق عليهم وأراني مثلهم وأنا أبدل قصارى جهد من أجل كلمة رضا وابتسامة عرفان وكلمة حب ..
لا أنكر أن تلك الكلمات كانت ربما هي الرصيد الذي جعلني أتجاوز مرضي دون حتى أن أحس بوجوده ، أو ربما كانت المسكن الذي انتهى قبل موعده لأستيقظ على حقيقة مرة ألا وهي عجز كامل وإحساس بانتهاء الصلاحية ، إحساس مر وقاتم كم تمنيت لو أن للبشر مقابر كمقابر الفيلة تنسحب إليها كلما أحست بدنو أجلها ...ترى لو كانت متى كنت سأقرر الانسحاب إليها والهروب من آلامي اليومية ، من الإحساس أنني أشبه بخيل الحكومة الذي يحتاج لرصاصة رحمة كمكافئة على نهاية الخدمة .... 



تعليقات

  1. استمتعت هنا
    بأسلوبك الجميل الذي يأخذني إلى عالم تصنعينه بالكلمات...
    موفقة دائما

    ردحذف
  2. أخي رشيد
    يسعدني مرورك هنا وراقني جدا أنها أعجبتك أيها الطيب
    دمت بألف خير

    ردحذف
  3. ما شاء الله عليك
    كلمات وجمل مرتبطة بشكل مميز تروي ابداع رائع
    ننتظر جديدك يا صاحبة القلم الاروع

    ردحذف
  4. الروعة مرورك وتواجدك
    يا صاحب القلب الطيب

    ردحذف
  5. هل تعتقدى فعلا انها رصاصه الرحمه

    ؟؟؟؟

    ردحذف
  6. أنرت الصفحة أخي علاء
    من يدري ربما نحتاج فعلا أن نتخلص من الألم مرة واحدة

    ردحذف
  7. مرحبا سيدتي
    أثبت هوسك بالحلم فعلا
    فكانت المدونة جميلة ورائعة
    ومنظمة
    وكلماتها راقية
    فمزيد ابداع سا سيدة الحلم
    تحياتي

    ردحذف
  8. أختي الكريمة..

    تجولت في مدونتك.. واعجبني مضمونها وشكلها على السواء..
    كما أقدر استخدامك للغة العربية الفصحى..

    ------------
    بالنسبة لهذه الأقصوصة، فعباراتك متماسكة وسلسلة ولغتها ذات تراكيب وتشبيهات جميلة أمتعتني رغم مأساوية المحتوى..

    وأسجل إعجابا خاصا بهذه العبارة:
    "كم تمنيت لو أن للبشر مقابر كمقابر الفيلة تنسحب إليها كلما أحست بدنو أجلها ...ترى لو كانت متى كنت سأقرر الانسحاب".

    تحياتي أختي الكريمة.

    ردحذف
  9. اهلا رحيم
    كيف غاب عني ردك هنا ايها الطيب
    ما زلت مبتدئة في عالم التدوين وحرفي امام حرفك لا يملك الا الحلم
    بارك الله فيك ايها الطيب

    ردحذف
  10. لك ماجد القاضي
    عينيك الجميلوة وحسك الرائع
    اشكر كلماتك في حق مدونتي واسلوبي
    وسعادتي كبيرة كلما لمحت تواجدا لك
    بارك الله فيك ايها الطيب

    ردحذف
  11. عزيزتي قدر استمتاعي بأسلوبك الراقي .. قدر الألم الذي شعرت به يتسلل إلى داخلي من كلماتك التي أتمنى من الله أن تكون مجرد أقصوصة ليس لك علاقة بها لامن قريب أو من بعيد .. فالحزن احساس راقي جدا يستطيع أن يستخرج من مخزوننا الداخلي الكثير من المشاعر الراقية .. أما أن يصل إلى حد اليأس فتلك هي المشكلة ..
    عزيزتي مشاعرك مرهفة جدا ..
    تقبلي تقديري واحترامي

    نور خالد
    مدونة فنجان شاي

    ردحذف
  12. لمرورك الراقي اخي نور خالد
    احساس خاص
    فالحزن في حروفنا قد تكون كماء النار بالجوف لا نستطيع ان نبقيها ولا ان نخرجها ففي كلتا الحالتين تحرقنا
    كن بخير يا طيب

    ردحذف
  13. اقصوصة مرت على كالحقيقة فى هوس الحلم

    متميزة جدا

    ردحذف
  14. لك محمد سامى
    يسعدني تواجدك دوما اخي
    بوركت

    ردحذف
  15. تملكين اسلوبا جميلا و نفسا سرديا رائعا فقط اشير إلى بعض الهنات التي لا تخل بالمضمون مثل : تبدو ، تعاف ، مكافأة ... شكرا سيدتي .

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انشطار الذات الساردة: بين الحياة والموت قراءة في رواية " رائحة الموت" للكاتبة المغربية "ليلى مهيدرة"

  توطئة     تطرح  الكاتبة المغربية  "ليلى مهيدرة"  سؤال الموت في روايتها  "رائحة الموت" [1]   للتعبير عن رؤية مخصوصة لهذه الموضوعة، وبذلك تنخرط- منطلقة من تصورها الخاص ومن طريقة اشتغالها- في الامتداد التأسيسي لهذه الموضوعة، امتداد ينم عن وعي مسبق بإشكالية العلاقة بين الموت والحياة. فبناء على ميثاق سردي يُسْتهَلُّ السردُ في هذا العمل الروائي بإعلان الذات الساردة عن الموت، موضوعة جوهرية تمت الإشارة إليه تأسيسا على ميثاق قرائي في عدد من العتبات النصية الخارجية التي تمثل موازياتٍ نصيةً دالة ونصوصا مصاحبة وملحقات روائية مثل ا لعنوان  وا لإهداء : " للموت الذي تفوح منا رائحته حتى في اللحظات الأكثر حياة " تعزز هذه الموضوعة المركزية  بمُناصات أخرى  متمثلةٍ في  عتبة المقولات التقديمية [2]   باعتبارها  نصوصا موازية: "* الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا* (علي بن أبي طالب) * لا أدري إن كانت هناك حياة بعد الموت لكن أتساءل هل هناك حياة قبلها* ( بيير غابي) "  [3] . في هذا الإطار، تؤدي هذه العتبة داخل العمل الروائي بشكل عام،  " دورا مهما في

عزيز نسين وقراءة في مسرحية افعل شيئا يا مت

                                                                                 عندما قرأت مسرحية  ' افعل شيئا يا مت ' لكاتبها عزيز نسين   اعتقدت أنني قد عرفت الفكر الراقي لهذا المؤلف   التركي خاصة وأن الكتاب كان  إلى حد ما  شبيه بالفكر السائد بالمجتمع العربي والإسلامي .لكنني عندما اقتربت من مؤلفاته المتنوعة وجدته بحرا من التجارب الإنسانية  ولو أنها ارتبطت في أغلبها ببلده تركيا إلا أنها لا تختلف كثيرا عن ما عاناه الكتاب في البلدان العربية في مراحل مختلفة . من هو عزيز نسين ؟ كاتب تركي من رواد الأدب  الساخر في العالم بأسره ، ترجمت كتبه المتنوعة إلى 23 لغة وفاز بجوائز عدة من منتديات دولية لكن في بلده عاش  الكاتب المضطهد والمنفي لأنه عرى صورة بلاده أمام الغرب . اشتغل عزيز نسين واسمه الحقيقي محمد نصرت في مهن عدة ضابط جيش ورسام ومعلم للقرآن الكريم وبائع للكتب والمجلات ولم تكن اغلب هذه الوظائف إلا وسيلة للعيش في مناطق نفي إليها حتى يستطيع مقاومة البرد القارص والجوع  كما يظهر ذلك جليا في كتابه ذكريات في المنفى .  وللكاتب عدة مؤلفات روائية وقصصية ومقالات وسيرة ذاتية  ، ومن عناوين

خطة للتراجع عن قرار التراجع

 مدخل .      التراجع لم يعد استراتيجية حربية بقدر ما صار طريقة للعيش حتى أصبحنا نتراجع دون أن ندري لم في نفس الوقت الذي نكون فيه مقتنعين بالعكس .     لم يخبروه أن الحرب انتهت أو ربما اخبروه ونسي وظل يرسم الخطة للهجوم الأخير مبشرا نفسه بتحرير الباقي من أرضه وأسرى لم يكونوا إلا جنودا تحت إمرته رفضوا القرار الصادر من القيادة العليا وقرروا الهجوم خاصة وان ملامح النصر كانت بادية لهم بينما هو ظل بين صوته المسموع يزمجر لاهثا وراءهم يدعوهم للامتثال للأوامر العسكرية وصوت خفي يدعوه لكي يتقدمهم - لم نكن مهزومين فلما نتراجع؟ ظل يرددها حتى أسكته صوت القائد - يبدوا انك كبرت في السن وتحتاج للراحة مقدم حسام حسام إيه ...رددها بداخله وأنا لم أكن إلا عصا في أيديكم تقولون اضرب فاضرب وتقولون أحجم فأحجم احتضن انهزامه والقلادة العسكرية وعاد إلى بيته تناسى كما تناسوا هم سنين عمله وكده واجتهاده لكنه ظل يذكر أبناءه كما يناديهم دوما جنود أحرار كان طوال ليالي الحرب الطويلة يحكي لهم عن الأرض والعرض وعن الواجب وعن الوطن لا يدري لم يحس انه اخذلهم بقرار التراجع كلما تذكر تلك الليلة إلا وعاد ليستجمع أوراقه ويرسم الخ